السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
عندما يغيب العقل العربى عن مجاراة الأحداث بأسلوب التغييب المستخدم من قبل الأنظمة العربية ، لا تتوقع خيرا فى الثقافة العربية التى أصبحت تميل للتعصب فى مختلف أمورها اليومية ، فالعقل العربى يتحول لعقل مدار بحيث أنك بقليل من عيدان الكبريت تخلف محرقة كبيرة .
هل يمكن ان نقيس أحداث مباراة مصر والجزائر البلدين الشقيقين- والتى تجمعهم علاقات قد تكون أكبر من علاقات أيا منهم ببلد شقيق أخر - بالتعصب الكروى ،
أم أن الحقيقة أكبر من ذلك ؟
فى الواقع القضية لا يمكن أن تكون قضية تعصب كروى بقدر ما هى واقع يفرضة تغييب العقل العربى وفن صناعة العجز الذى تمارسة الأنظمة العربية بإقتدار على شعوبها ، وهو تطور طبيعى لتحويل الضئيل جدا إلى شئ جوهرى فى حياة المواطن العربى ، وبتفسير أخر فإن كرة القدم أصبحت كأفيون الشعوب بمعنى العبارة
فهى مخدر يستخدم بدقة فى التغييب .
وسأحاول أن أدخل لصميم القضية
ولنفهم جيدا المقصود من العبارة ، وحتى لا يتم إتهام صاحب هذة السطور بالجهل الكروى الذى أصبح أحد معالم الأنتماء لوطن ، نقول أن الأمر تعدى كرة القدم وكون فريقين متنافسين أحدها سيفوز اليوم والأخر غدا
وهناك طرف أقوى اليوم وغدا غيرة وهذة سنه الحياة ، لكن بنظرة أكثر شمولية نجد هناك أطراف تبحث عن نفسها فى الموضوع وتندس داخله بنظرية العهد العالمى الذى نعيشة المصالح ، وتحويل الموضوع لقدر أخر تمتزج به موضوعات الأنتماء الصورى مع مزج للشعارات الرنانة كعاداتنا .
وبعد هذة المقدمة الطويلة ، نبدأ بتحليل القضية ، وهى لم تبدأ وقائعها كما يتوقع البعض بمجرد مباراة تجمع منتخبين ولكن تبدأ بأوضاع الطرفين ، والناظر للوضع الجزائرى والمصرى سيجد أن كلا البلدين عانى لسنوات من الأرهاب الفكرى والأرهاب نفسه ، وهو ما يؤدى بدورة لغياب الوعى الذى نعانى منه ولنأخذ مثالا بصورة المجتمع المصرى
- حيث أنه مجتمعنا ونحن الأقدر على فهمه - الذى تحول لمجتمع مدار إما بالتعصب أو بالسياسة الأعلامية ، وسواء التعصب فى قبول الأخر الذى يجتاحنا حاليا مع تيارات خارجية ممنهجة أو لعبة الشطرنج التى تمارسها شركات الدعاية بعقولنا من خلال واجهة الفضائيات الرياضية الظريفة ، ومع غياب الوعى العام وتبدل القيم السامية بنفس منهج الأب الروحى للأستعمار الثقافى الحديث - الولايات المتحدة الأمريكية - يظهر لنا منهج جديد فى تعريف حياتنا فيتحول الانتماء لمباراة كرة بها المنتخب المصرى أو الجزائرى ، وأعجب أنى لا أسمع هذا الأنتماء إلا بعبارات مراهقة فإما نطلق الشعارات هنا وهناك أو يكون الأنتماء لوجود منتخبنا الوطنى فى حرب دائرة - مضحك أمرنا - وحتى مع محاولات الأستفادة من هذا الأنتماء الصورى تجد عقبة تقف فى طريقك ليس لديك إعلام مضلل يستطيع أن يدخل للعقول معنى الحق والواجب .
فلا تعجب عندما تقم الحروب بين أنصار المصرى واللبنانى وال ....... إلخ .
فى ستار أكاديمى فبرغم ضالة الموضوع وتفاهة المحتوى إلا أن القضية تحول للمخدر الحديث وهو تحويل الضئيل جدا للجوهرى بفعل الانتماء .
لا أقول أن المباراة غير مهمة أو الرياضة ، ولكن هناك منطق يفرض علينا تحديد الجوهرى من الأقل فى المرتبة ليس لشخص له أراؤه وأفكاره وإنما لجماعة ووطن كامل .
وكل هذة الامور لن تختلف فى الجزائر شيئا عن مصر وأى قطر عربى أخر اللهم إلا فلسطين التى تجابه هم عام يربط الجميع .
ومع توالى الكلمات تجد نفسك أمام القضية الجوهرية ثقافة الشعب ، والثقافة هنا ليست بالتعبير الشائع بالخطأ
بإنها من يقرأ ويعرف أكثر ، فالثقافة هى حياة الأنسان اليومية ، والمقصود هنا ثقافة النخبة التى نقدم لها عقولنا وهنا فى هذة القضية النخبة الرياضية أو بمعنى أخر إعلامى كرة القدم التى أصبحت بقدرة التغييب هى الشئ الوحيد الذى يجمعنا وهى المحرك الأساسى لحياتنا ، وعندها تتساءل هل الأعلام العربى والرياضى بشكل خاص يسير فى الأتجاة الصحيح ، والأجابة تجدها بنفسك عندما تفكر بدقة لتجد نفسك تسلم عقلك لشخص كل مؤهلاته فى الحياة أنه كان يوما ما لاعب كرة قدم ، وتتساءل هل درس شيئا فى الفن الأعلامى وطريقة إدارة حوار ، وستجد الأجابة بنفسك .
فكر أكثر لتعرف هل الأعلام العربى الخاص الهارب من قيود الأعلام الحكومى يفهم جيدا إحترام عقلية المشاهد العربى أم أن قانونة ودستورة الغير معلن هو إعلانات أكثر .
وعندما تترك لهذه النخبة المضللة العقل العربى لن تجنى غير التعصب وخصوصا مع غياب العقل العربى ، ولإن ثقافة البنكنوت تحكم هذة النخبة المضللة فلن تجد منها غير المتاجرة بالمشاهد وبالأنتماء وتحويل الضئيل جدا لشئ جوهرى فى حياة مواطن يكدح يوميا ولا يستطيع أن يحيا حياة كريمة ، لكنة بالميديا يبتز ويدار ليقدم للنخبة ما يكدح به بطيب خاطر .
وما بين الشروق الجزائية ومودرن وشركات المحمول او البيبسى كولا ، مصلحة واحدة إشحن أكثر تكسب أكثر ،
بينما لن تجد جهود هؤلاء لنصرة اللغة العربية فى الجزائر أو حتى مصر أو لبناء مستشفى كمستشفى 57357
أو لتغيير نظام التعليم أو لغيرها من الأمور ، أو لنشر ثقافة العمل التطوعى بين الشباب العربى ،
هنا أعتقد أن الرسالة وصلتك هل يمكن أن تسمى ذلك إنتماء ، وهل يمكننا إستثمار هذا التعصب لمشروعات قومية تقدم شيئا لهذة الشعوب أم أننا سنأكل ونشرب ونحيا بكرة القدم .
فى الحقيقة عندما تفكر جيدا فى هذة الأمور وتسال نفسك أيها المشجع الكروى الكبير الذى تعرف الأنتماء أكثر منا جميعا ، هل أنت مصرى ؟ .
إذن ماذا قدمت لمصر ؟
هل تعرف شيئا عن المشاكل التى تواجة ماء النيل وعن مستقبل وادى النيل والدلتا شرايين الحياة التى نتكدس عليها ؟
مبروك لك الأنتماء لمصر !!
هل أنت جزائرى ؟
إذن ماذا قدمت للجزائر ؟
هل لن تهاجر هربا من الظروف ؟
هل تعرف ماذا يفعل الارهاب بالجزائر ؟
مبروك لك الأنتماء للجزائر !!
وثق تماما صديقى المشجع المتعصب أنها مجرد مباراة لكرة القدم وأنت مجرد دمية تحركها نخبة تبحث عن الربح السريع ، وبعد المباراة بايام إسأل نفسك هل أنت مصرى حقا وهل أنت جزائرى حقا وقبلها هل تجد نفسك مواطنا صالحا .
فكر جيدا لتعرف أنك مشروعا قوميا لم يأتى بعد ..
منقول من منتدى مصري ...الحقوق محفوظة لصاحبه